وبعد شهر وخمسة [عشر یوماً]: وفاة السیدة خدیجة، و[کانت وفاة أبی طالب علیه السلام، علی المشهور، فی 26 رجب السنة العاشرة بعد البعثة؛ و کانت وفاة خدیجة علیها السلام، فی نفس تلک السنة، 45 یوماً بعد وفاة أبی طالب – علی المشهور أیضاً؛ و لکن المؤلف رجح القول الشاذ بوفاتهما فی شهر شوال، مع عدم صدق الفاصلة المذکورة فی کلام نفسه! نعم، إذا کانت الفاصلة ثلاثة أیام – کما قیل – تصدق الفاصلة – س].
ولها من العمر خمس وستون سنة.
عزت على رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم) هذه الفاجعة، وشقت علیه، وقد اجتمعت علیه مصیبتان دفعة واحدة، فقد عمه وحامیه أبی طالب، وفقد زوجته وحبیبته خدیجة بنت خویلد، فقال: والله لا أدری بأیهما أشد جزعا. فلزم بیته، وقل خروجه، وطمعت فیه قریش، إذ فقد حامیه، ونالت منه ما لم تکن تنال ولا تطمع به من قبل. ومما یذیب القلب حسرة أن خدیجة (علیها السلام) توفیت قبل مضی عام واحد على خروجها وخروج النبی (صلى الله علیه وآله وسلم)
وصحبه من شعب أبی طالب (1)، والزهراء بعد لم تذق
طعم الحیاة، وتتنفس الصعداء وتتلمس الراحة، حین فجعت بوفاة أمها الرؤوم، فأخذ هذا الحادث المفاجئ منها مأخذا عظیما، وصدع روحها الشفیفة ومشاعرها
الحساسة وصدمها صدمة ذوت لها زهور الأمل، وانهمرت دموعها الساخنة على فقد أمها الحبیبة، وهی تبحث عنها فی کل مکان. فإن یتم الأم أعظم أثرا من یتم الأب لدى الطفل. وجعلت تلوذ برسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم) وتدور حوله وتقول: «أبه أین أمی؟!» تکرر ذلک عدة مرات فنزل جبرئیل
فقال له: «ربک یأمرک أن تقرأ فاطمة السلام وتقول لها: إن أمک فی الجنة فی بیت من قصب، لا تعب فیه ولا نصب» (2)
1) مناقب ابن شهرآشوب ج 1 ص 174.
2) ینابیع المودة ص 313. البحار ج 16 ص 1.