قال تعالی:
(و على الأعراف رجال یعرفون کلاً بسیماهم و نادوا أصحاب الجنة أن سلام علیکم لم یدخلوها و هم یطمعون) (1)
هذه الآیة تندرج ضمن الآیات الخاصة بأهل البیت علیهم السلام، و قد
أشارت جملة من الروایات إلی اختصاصها بهم، منها:
1ـ ما أخرجه ثقة الإسلام الشیخ الکلینی رحمه الله عن الهیثم بن واقد، عن مقرن، قال: سمعت أبا عبدالله علیه السلام یقول:
»جاء ابن الکواء إلی أمیرالمؤمنین علیه السلام فقال یا أمیرالمؤمنین:
(و على الأعراف رجال یعرفون کلاً بسیماهم(.
فقال علیه السلام: نحن على الأعراف، نعرف أنصارنا بسیماهم، و نحن الأعراف الذی لا یعرف الله عزوجل إلا بسبیل معرفتنا، و نحن الأعراف یعرفنا الله عزوجل یوم القیامة على الصراط، فلا یدخل الجنة إلا من عرفنا و عرفناه، و لا یدخل النار إلا من أنکرنا و أنکرناه.
إن الله تبارک و تعالى لو شاء لعرف العباد نفسه ولکن جعلنا أبوابه، و صراطه، و سبیله، و الوجه الذی یؤتى منه، فمن عدل عن ولایتنا، أو فضل علینا غیرنا.
فإنهم (عن الصراط لناکبون) (2)
فلا سواء من اعتصم الناس به، و لا سواء حیث ذهب الناس إلى عیون کدرة یفرغ بعضها فی بعض، و ذهب من ذهب إلینا إلى عیون صافیة تجری بأمر ربها، لا نفاد لها و لا انقطاع» (3)
2ـ روی القاضی المغربی عن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم (انه
قال لعلی علیه السلام:
»یا علی، أنت و الأوصیاء من ولدک أعراف الله بین الجنة و النار، لا یدخلها إلا من عرفکم وعرفتموه، و لا یدخل النار إلا من أنکرکم و أنکرتموه«.
ثم قال القاضی المغربی تعقیباً علی هذا الحدیث الشریف بقوله:
فهذا هو التأویل البین الصحیح الذی لا یجوز غیره، لا کما تأولت العامة أن أصحاب الأعراف رجال قصرت بهم أعمالهم عن الجنة أن یدخلوها، و لم یستوجبوا دخول النار فهم بین الجنة و النار، و ما جعل الله عزوجل فی الآخرة من دارین: دار الثواب، و دار العقاب) (4)
3ـ و أخرج الثعلبی فی تفسیره عن ابن عباس فی قوله عزوجل:
(و على الأعراف رجال یعرفون کلاً بسیماهم) (1)
قال:
»الأعراف موضع عال من الصراط، علیه العباس، و حمزة، و علی ابن أبی طالب، و جعفر ذو الجناحین، یعرفون محبیهم بیاض الوجوه و مبغضیهم سواد الوجوه» (5)
أما اختصاصها بخدیجة علیها السلام فقد سئل الإمام الصادق علیه السلام عن قوله تعالی:
(و بینهما حجاب و على الأعراف رجال(.
قال علیه السلام:
»سور بین الجنة و النار قائم علیه محمد صلى الله علیه و آله و سلم و علی و الحسن و الحسین و فاطمة و خدیجة علیهم السلام فینادون أین محبونا؟ أین شیعتنا؟
فیقبلون إلیهم فیعرفونهم بأسمائهم و أسماء آبائهم و ذلک قوله تعالى:
(یعرفون کلاً بسیماهم(.
فیأخذون بأیدیهم فیجوزون بهم الصراط و یدخلونهم الجنة» (6)
بقی أن نقول:
أما لماذا نصت الآیة علی لفظ الرجال دون النساء فذلک لغلبة عدد الرجال الواقفین علی الأعراف علی النساء، فغلبت الکثرة هنا علی القلة کما أن مخاطبته تعالی فی کتابه العزیز بـ: (یا أیها الذین ءامنوا) یشتمل علی الرجال و النساء و إن کان اللفظ بصیغة المذکر.
1) سورة الأعراف، الآیة: 46.
2) سورة المؤمنون، الآیة: 74.
3) الکافی للشیخ الکلینی: ج 1، ص 184، ح 9.
4) دعائم الإسلام للقاضی النعمان المغربی: ج 1، ص 25؛ مناقب آل أبی طالب لابن شهر آشوب: ج 3، ص 31.
5) تفسیر الثعلبی: ج 4، ص 237؛ تفسیر القرطبی: ج 7، ص 212؛ تنبیه الغافلین لابن کرامة: ص 72؛ مطالب السؤول لابن طلحة: ص 105، ینابیع المودة للقندوزی: ج 1، ص 303.
6) مختصر بصائر الدرجات للحسن بن سلیمان الحلی: ص 53؛ بحارالأنوار للعلامة المجلسی: ج 24، ص 255.