أما ما ذهب إلیه الحافظ شمس الدین الذهبی: فی تصحیحه لقول ابن سعد، و تحدیده زواج رقیة رضی الله عنها، قبل الهجرة، فهو: مما لا صحة فیه، بل زاد الأمر سوءا؟!.
لأنه: بهذا القول یلزم أن یکون زواجها من عتبة قد وقع بعد زواجها من عثمان بن عفان؟!
ثم إن الذهبی لم یفصح لنا عن قوله قبل الهجرة، أی: هجرة یقصد؟
الهجرة إلی الحبشة أم الهجرة إلی المدینة؟
فإذا کان قصده هجرة الحبشة، فهذا محال لأن سورة «المسد» (1) نزلت فی السنة الثالثة من البعثة(2)، و الهجرة إلی الحبشة وقعت فی السنة الخامسة(3)، فلا یمکن أن یتقدم أبو لهب، و یخطب لولده بنت رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم. و قد انزل الله تعالی سورة فی القرآن، تکون عاراً علیه، و علی زوجته إلی یوم القیامة. فزواجها من عتبة قبل الهجرة إلی الحبشة أبعد من الخیال.
أما إذا کان قصد الذهبی، أن زواجها کان قبل الهجرة إلی المدینة، فهذا لا یرضی به عاقل؛ لأن رقیة قبل الهجرة إلی المدینة کانت متزوجة من عثمان بن عفان. و عندها ولد منه و عمره سنتان تقریباً، و هی مع هذا کله کانت فی أرض الحبشة، و لیست فی مکة!! فأین و متی وقع هذا الزواج؟! لا أحد یعلم… و لعل الذهبی وحده الذی یعلم؟!
1) هذه السورة من السور المکیة، و قد نزلت فی الرد علی أبی لهب و زوجته.
2) أسباب النزول للواحدی: ص345.
3) البدایة و النهایة لابن کثیر: ج3، ص53.