قال ابن سعد: (أخبرنا هشام بن محمدبن السائب الکلبی قال حدثنی الولید بن عبدالله بن جمیع الزهری عن ابن لعبد الرحمن بن موهب بن ریاح الأشعری حلیف بنی زهرة عن أبیه قال حدثنی مخرمة بن نوفل الزهری قال: سمعت أمی رقیقة بنت أبی صیفی بن هاشم بن عبد مناف تحدث و کانت والدة عبدالمطلب قالت تتابعت علی قریش سنون ذهبن بالأموال وأشفین علی
الأنفس، قالت فسمعت قائلا فی المنام:یا معشر قریش ان هذا النبی المبعوث منکم و هذا أبان خروجه و به یأتیکم الحیا و الخصب فانظروا رجلا من أوسطکم نسبا طوالا عظاما أبیض مقرون الحاجبین أهدب الأشفار، جعدا، سهل الخدین، رقیق العرنین، فلیخرج هو و جمیع ولده و لیخرج منکم من کل بطن رجل فتطهروا و تطیبوا ثم استلموا الرکن ثم ارقوا رأس أبی قبیس ثم یتقدم هذا الرجل فیستسقی و تؤمنون فإنکم ستسقون.
فأصبحت فقصت رؤیاها علیهم فنظروا فوجدوا هذه الصفة صفة عبد المطلب، فاجتمعوا إلیه و خرج من کل بطن منهم رجل ففعلوا ما أمرتهم به ثم علوا علی أبی قبیس و معهم النبی صلی الله علیه- وآله- و سلم و هو غلام، فتقدم عبد المطلب و قال: اللهم هؤلاء عبیدک و بنو عبیدک و إماؤک و بنات إمائک و قد نزل بنا ما تری و تتابعت علینا هذه السنون فذهبت بالظلف والخف و أشفت علی الأنفس فأذهب عنا الجدب و ائتنا بالحیا و الخصب.
فما برحوا حتی سالت الأودیة و برسول الله صلی الله علیه-وآله-وسلم سقوا فقالت رقیقة بنت أبی صیفی بن هشام بن عبد مناف:
بشیبة الحمد أسقی الله بلدتنا
و قد فقدنا الحیا واجلوذ المطر
فجاد بالماء جونی له سبل
دان فعاشت به الأنعام و الشجر
منا من الله بالمیمون طائره
و خیر من بشرت یوما به مضر
مبارک الأمر یستسقی الغمام به
ما فی الأنام له عد ولا خطر(1)
1) الطبقات الکبری لابن سعد: ج1، ص90.