و لم یتوقف الطلف الإلهی بعبد المطلب عند هذا الحد و إنما تعدی ذلک إلی أمور أخری اقترب فیها عبد المطلب من فعل الأنبیاء علیهم السلام حینما أحاطت بهم الکرامات.
قال ابن سعد (أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمی أخبرنا محمد بن عبد الله عن الزهری عن قبیصة بن ذؤیب عن ابن عباس قال الواقدی وحدثنا أبوبکر بن أبی سبرة عن شیبة بن نصاح عن الأعرج عن محمد بن ربیعة بن الحارث و غیرهم قالوا: لما رأی عبد المطلب قلة أعوانه فی حفر زمزم و انما کان یحفر وحده و ابنه الحارث هو بکره نذر لئن أکمل الله له عشرة ذکور حتی یراهم أن یذبح أحدهم؛ فلما تکاملوا عشرة فهم: الحارث، والزبیر و أبو طالب، و عبدالله، و حمزة، و أبو لهب، والغیداق، والمقوم، وضرار، والعباس، جمعهم ثم أخبرهم بنذره و دعاهم إلی الوفاء لله به فما اختلف علیه منهم أحد، و قالوا:أوف بنذرک و افعل ما شئت.
فقال: لیکتب کل رجل منکم اسمه فی قدحه، ففعلوا فدخل عبد المطلب فی جوف الکعبة، و قال للسادن، أضرب بقداحهم؛ فضرب بخرج قدح عبدالله أولها؛ و کان عبد المطلب یحبه فأخذ بیده یقوده إلی المذبح و معه المدیة فبکی بنات عبد المطلب و کن قیاما و قالت إحداهن لأبیها اعذر فیه بأن تضرب فی إبلک السوائم التی فی الحرم.
فقال للسادن: إضرب علیه بالقداح و علی عشر من الإبل، و کانت الدیة
یومئذ عشرا من الإبل؛ فضرب فخرج القدح علی عبد الله، فجعل یزید عشرا عشرا، کل ذلک یخرج القدح علی عبد الله حتی کملت المائة، فضرب بالقداح فخرج علی الابل؛ فکبر عبدالمطلب و الناس معه و احتمل بنات عبدالمطلب أخاهن عبدالله، و قدم عبدالمطلب الابل فنحرها بین الصفا و المروة.
قال أخبرنا محمد بن عمر قال حدثنی سعید بن مسلم عن یعلی بن مسلم عن سعید بن جبیر عن ابن عباس قال لما نحرها عبد المطلب خلی بینها و بین کل من وردها من انسی أو سبع أو طائر لا یذب عنها أحدا و لم یأکل منها هو و لا أحد من ولده شیئا.
قال أخبرنا محمد بن عمر قال حدثنی عبد الرحمن بن الحارث عن عکرمة عن ابن عباس قال کانت الدیة یومئذ عشرا من الإبل و عبد المطلب أول من سن دیة النفس مائة من الإبل فجرت فی قریش والعرب مائة من الإبل و أقرها رسول الله صلی الله علیه-وآله-وسلم علی ما کانت علیه(.(1)
1) الطبقات الکبری لابن سعد: ج1، ص88-89.