إن من صفات القصب هو الاستقامة و کذا کان سیرها و إیمانها و تمسکها بالصراط المستقیم.
أما دلالة قوله صلی الله علیه و آله و سلم:
»لا صخب فیه و لا نصب«.
فهو الآتی:
1ـ إن مما یتبادر إلی ذهن السامع حینما عرف أن هذا البیت من القصب هو الضجیج و ارتفاع الصوت، و ذلک عند تحرک هذه الأعواد حینما یمر بها الریح فیدفعها للاصطدام ببعضها فأراد النبی صلی الله علیه و آله و سلم أن یصرف ذهن السامع إلی أن هذا القصب لیس مما شهده الإنسان فی الحیاة الدنیا.
2ـ لعدم اجتماع النقیضین فی محل واحد؛ بمعنی لا یجتمع التعب مع حالة الاستقامة فی محل واحد، فالصخب و النصب یأتی من الانحراف و الاعوجاج أما فی حالة الاستقامة فلا وجود للصخب و النصب و لذا: کان القصب دلیلاً علی الاستقامة التی یلازمها الهدوء و السکینة.
3ـ قال السهیلی: مناسبة نفی هاتین الصفتین، أعنی: المنازعة و التعب أنه صلی الله علیه و آله و سلم لما دعا الی الإسلام أجابته خدیجة طوعا فلم تحوجه إلی رفع صوت و لا منازعة و لا تعب فی ذلک بل أزالت عنه کل نصب و آنسته من کل وحشة و هونت علیه کل عسیر فناسب أن یکون منزلها الذی بشرها به ربها بالصفة المقابلة لفعلها (1)
و لذا نفی عنه النبی الأکرم صفتی الصخب الذی یرافق تحرک هذه الأعواد القصبیة، و نفی عنه التعب؛ لأنه لا یأتی مع وجود الاستقامة.
و الله سبحانه و تعالی العالم بحقائق الأمور.
1) فتح الباری لابن حجر: ج 7، ص 104.