کانت السیدة خدیجة رغم نبلها وشرفها ومکانتها فی الناس وسیادتها فی بنی أسد ونساء قریش وهی صفات کفیلة لوحدها لأن تؤهلها للرعایة والمحبة والرضا من
لدن رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم(، إلا أنها فوق ذلک، قد وهبت کل وجودها لله ورسوله ودعوة الحق التی صدع بها. فقد وهبت رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم) کل أموالها لیغطی بها نفقات الدعوة والدعاة المستضعفین. ولقد عاصرت أشد الظروف قسوة فما لانت من قناتها أبدا، وتحدت أصعب الأزمات وأکثر المواقف عسرا، وصبرت على الأذى فی جنب الله عز وجل، وسمت بذلک على نعیمها الدنیوی السابق، ورکلت اخضرار العیش الذی اعتادته برجلیها لتعیش مع النبی (صلى الله علیه وآله وسلم) محنته وآلامه التی صبتها علیه قریش وحلفاؤها وظلت طوال عشر سنین من المحنة تبث
الأمل فی قلب الرسول (صلى الله علیه وآله وسلم(، وتشد من أزره، وتقوی من عزیمته على مواصلة المسیر، وأنت خبیر بما تؤدیه مواقف المرأة المشجعة لزوجها من أثر إیجابی على الاستمرار فی الصمود والمواجهة وشد العزیمة. وقد کانت أعظم مواقفها الجهادیة فی تحدیها لمحنة
حصار شعب أبی طالب الذی فرض على بنی هاشم من قبل طغات قریش وحلفائها. فقد کان لمواقف السید خدیجة المعروفة لإضعاف قبضة الحصار أثرها الواضح المخلد فی التخفیف من أضرار حصار المشرکین على الدعوة وأنصارها. وهکذا تتجلى مکانة أم المؤمنین الکبرى خدیجة بنت خویلد (علیها السلام) کما نطق بها لسان الحق المقدس.