وأننا بالإضافة إلى ما قدمناه آنفا عن الاستغاثة نذکر: زوجتا عثمان، هل هما بنات النبی (صلى الله علیه وآله وسلم(؟! أن مما یدل على عدم کون زوجتی عثمان بنات له (صلى الله علیه وآله وسلم) – عدا عن کون بعض الأقوال تنافی ذلک – ما ذکره المقدسی، عن سعید بن أبی عروة، عن قتادة، قال: ولدت خدیجة لرسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم(: عبد مناف فی الجاهلیة، وولدت له فی الإسلام غلامین، وأربع بنات: القاسم، وبه کان یکنى: أبا القاسم، فعاش حتى مشى، ثم مات، وعبد الله، مات صغیرا. وأم کلثوم. وزینب.
ورقیة. وفاطمة (1)
وقال القسطلانی بعد کلام له: «وقیل: ولد له ولد قبل المبعث، یقال له: عبد مناف، فیکونون على هذا اثنی
عشر، وکلهم سوى هذا ولد فی الإسلام بعد المبعث» (2)
کما أن بعضهم ینص على أنه قد صح عنده: أن رقیة
کانت أصغر من الکل حتى من فاطمة (علیها السلام) (3)
وبعد هذا، فکیف نصدق قول من یقول: إنهما تزوجتا فی الجاهلیة من ابنی أبی لهب، ثم جاء الإسلام ففارقاهما. یقول المقدسی: «فزوج رسول الله رقیة عثمان بن عفان، وهاجرت معه فی الهجرتین إلى الحبشة،
وأسقطت فی الهجرة الأولى علقة فی السفینة» (4)
نعم، کیف نصدق هذا، ونحن نعلم: أن الهجرة الأولى إلى الحبشة کانت بعد البعثة بخمس سنین، فکیف تکون رقیة قد تزوجت قبل البعثة بابن أبی لهب، ثم فارقها لیتزوجها عثمان، ثم تحمل منه قبل الهجرة إلى الحبشة، وهی إنما ولدت بعد البعثة؟! إن ذلک لعجیب!! وعجیب حقا!!. وثانیا: لقد ذکرت بعض الروایات: أن أبا لهب قد أمر ولدیه بطلاق رقیة وأم کلثوم بعد نزول سورة «تبت یدا أبی لهب» (5) مع أنهم یقولون: إن هذه السورة قد نزلت
حینما کان النبی والمسلمون محصورین فی الشعب (6)
وقد کان ذلک بعد الهجرة الأولى إلى الحبشة. وثالثا: لقد روی: أن خدیجة ولدت للنبی عبد الله، ثم أبطأ علیها الولد، فبینما رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم) یکلم رجلا، والعاص بن وائل ینظر إلیه، إذ مر رجل فسأل العاص عن النبی (صلى الله علیه وآله وسلم) وقال: من هذا؟ قال: هذا الأبتر.
فأنزل الله: – (إن شانئک هو الأبتر) – (7)
فظاهر الروایة: أنها حین ولدت عبد الله لم تکن قد ولدت غیره، أو أن من ولدتهم ماتوا جمیعا حتى لم یعد للنبی أولاد أصلا. مع أن رقیة کانت عند عثمان قبل ولادة فاطمة، فلا یصح وصف العاص للنبی (صلى الله علیه وآله وسلم) بالأبتر
فتنزل الآیة. إلا أن یقال: إن العرب لم تکن تهتم بالبنات، بل المیزان عندهم هو خصوص الذکور، ولأجل ذلک وصفه العاص بالأبتر. ورابعا: قد تقدم أن هناک من یقول: إن خدیجة إنما تزوجت رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم) قبل البعثة بعشر أو بثلاث، أو بخمس سنوات، فکیف تکون رقیة وزینب قد ولدتا من خدیجة، وتزوجتا قبل البعثة؟!. خامسا: أن الدولابی یقول: إن عثمان کان قد تزوج
رقیة فی الجاهلیة (8)
1) البدء والتاریخ ج 5 ص 16 وج 4 ص 139.
2) المواهب اللدنیة ج 1 ص 196.
3) راجع الإصابة ج 4 ص 304 عن الجرجانی، والاستیعاب بهامش الإصابة ج 4 ص 299، 282. وفی ص 281 عن الزبیر بن بکار، أن عبد الله، ثم أم کلثوم، ثم فاطمة، ثم رقیة کلهم ولدوا بعد الإسلام، وکذا فی البدایة والنهایة ج 2 ص 294. ونسب قریش صفحة 21.
4) البدء والتاریخ ج 5 ص 17 وتهذیب تاریخ دمشق ج 1 ص 298.
5) نسب قریش لمصعب الزبیری ص 22 وتهذیب تاریخ دمشق ج 1 ص 293 و 298 وأسد الغابة ج 5 ص 456 والاستیعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج 4 ص 299 والدر المنثور ج 6 ص 409 عن الطبرانی.
6) الدر المنثور ج 6 ص 408 عن أبی نعیم فی الدلائل.
7) راجع تهذیب تاریخ دمشق ج 1 ص 294 والدر المنثور ج 6 ص 404.
8) راجع: المواهب اللدنیة ج 1 ص 197.