إن الإمام الحسین علیه السلام قدم منهاجاً تعبدیا لمن أراد أن یتقرب إلی الله تعالی و یسأله قضاء حاجته و یتکون هذا المنهاج من أمور:
1ـ بأن یبدأ صاحب الحاجة بقصد قبور أهل البیت علیهم السلام مثلما فعل حجة الله تعالی حینما قصد قبر خدیجة الکبری.
2ـ أن یقبل علی الله بقلب منکسر و هو موقن بأنه قد قصد أکرم الأکرمین و أنه العبد الذی لا یملک لنفسه حولاً و لا قوة، و هذا الاقبال القلبی یلازمه البکاء؛ کما فعل الإمام الحسین علیه السلام، فلقد بدأ بالبکاء و هو حالة وجدانیة معبرة عن القلب.
3ـ أن یقدم الصلاة بین یدی حاجته لکونها أفضل العبادة و خیر ما یقدمه العبد بین یدی ربه عز شأنه، و لما تحمل الصلاة من آثار نفسیة خاصة، إذ ترجع النفس إلی حالة الاتزان و الاستقرار، و هو ما دلت علیه الآیة الکریمة:
(و استعینوا بالصبر و الصلاة و إنها لکبیرة إلا على الخاشعین) (1)
4ـ إن قصد قبور أهل البیت علیهم السلام کما أرشدنا حجة الله علی خلقه الإمام الحسین علیه السلام یراد منه اتکاء المسلم علی التولی و التبری و هما مما یناط بهما قبول الأعمال عند الله تعالی و رفضها فضلاً عن أنه وسیلة تکشف عن الإیمان بالله و رسوله حینما یظهر المسلم أنه یتولی الله و رسوله و أهل بیته.
قال تعالی:
(قل لآ أسئلکم علیه أجراً إلا المودة فی القربى) (2)
و هذه المودة التی لأهل البیت لا تتحقق إلا بعدم التولی لقوم غضب الله علیهم، أی: البراءة من أعداء الله تعالی.
قال سبحانه:
(یا أیها الذین ءآمنوا لا تتولوا قوماً غضب الله علیهم قد یئسوا من الآخرة کما یئس الکفار من أصحاب القبور) (3)
و قال سبحانه و تعالی:
(ألم تر إلى الذین تولوا قوماً غضب الله علیهم ما هم منکم و لا منهم و یحلفون على الکذب و هم یعلمون) (4)
5ـ بعد المضی فی هذه المراتب العبادیة من البکاء و الاقبال القلبی و الصلاة و التولی لأولیاء الله و التبرئ من أعداء الله سبحانه قولاً و عملاً، یدخل الداعی فی مرحلة المناجاة کما صنع الإمام الحسین علیه السلام حینما قصد قبر جدته خدیجة الکبری سلام الله علیها.
6ـ إن تحقق هذه المراتب یعطی النتیجة السریعة فی استجابة الدعا و قضاء الحاجة و نزول السکینة و الاحساس ببرد المناجاة و حلاوتها کما نصت الروایة حینما سمع الإمام الحسین علیه السلام جواب مناجاته لربه و مسألته.
1) سورة البقرة، الآیة: 45.
2) سورة الشوری، الآیة: 23.
3) سورة الممتحنة، الآیة: 13.
4) سورة المجادلة، الآیة: 14.