ثم تمضی سلام الله علیها لتبین لنا صورة أخری من الصور التعلیمیة فی جمیع جوانب الحیاة الدنیویة والأخرویة.
و هنا تنقلنا السیدة خدیجة فی رحاب العلاقة الزوجیة لتشیر إلی أهم الأسس التی یعتمد علیها قیام البیت و هی صمام الأمان فی الحیاة الأسریة، فکم من أسرة تهدمت، و کم من علاقة زوجیة فشلت و کم من أطفال ضیعت و کانت هی الضحیة، بل هی التی دفعت فاتورة الاسلوب الفاشل الذی یفتقده الأب فی کثیر من العلاقات الزوجیة الأسریة کحالات منفردة متعددة.
و عندما نقول الأب لأسباب کثیرة منها القیمومیة التی لدیة والقدرة فی التحکم فی شؤون الحیاة الأسریة وغیرها.
و من هنا فإن السیدة خدیجة سلام الله علیها تصف لنا هذه العلاقة الزوجیة للنبی صلی الله علیه و آله و سلم بهذه الکلمات الرقیقة والمنطق العذب والرقة والعاطفة والحب الکبیر لهذا الزوج مع الحفاظ علی العفة المحاطة بهذه الکلمات، الحشمة التی تفوح من هذه الألفاظ، قالت سلام الله علیها:
»فلما کان فی تلک اللیلة لم یدع بالإناء ولم یتأهب للصلاة، غیر أنه أخذ بعضدی و أقعدنی علی فراشه و داعبنی و مازحنی، و کان بینی و بینه ما یکون بین المرأة و بعلها«.
فهذه الکلمات علی قلتها قد کشفت أحد السنن النبویة فی آداب المعاشرة الزوجیة و تظهر بشکل کبیر الأجواء العاطفیة التی ینبغی لکل زوج أن یتعلمها و یستسن بها، لأن هذا التعامل یجمع الشفافیة فی الاسلوب، والجمال فی المبادرة لاستجلاب عاطفة المرأة و تحریکها و استدرار حبها.
و من هنا فهذا المنهاج التربوی من أهم المناهج التی تدوم بها الحیاة الزوجیة و تستمر من خلالها العلاقة الزوجیة.
و قد اعتمد طب النفس الأسری فی کثیر من البحوث والدراسات علی هذا المنهاج و وضعه کمنهاج یعتمد علیه قیام الرابط الأسری و هو أحد الأسس التی یقوم علیها دوام العلاقة الزوجیة، و کم نحن الیوم بحاجة إلی مراجعة تلک السنن النبویة و معرفة الآداب المحمدیة فی مختلف ضروب الحیاة و لا سیما فی الجانب الأسری کأزواج و آباء و إخوان و أبناء.