ان السنین الأولی لطفولة فاطمة علیهاالسلام کانت فیها علیهاالسلام قد أعادت بسمة الأمومة لخدیجة، تلک البسمة التی لا تمنحها الأم إلا لطفلها الذی یتأمل بعینین مفتوحتین تلک التقاطیع التی ترافق وجه أمه و هی مبتسمة له و کأنها تسمعه باعذب الکلمات التی تعجز عنها لغات العالم.
فأی لغة یمکن ان تعبر عما ینطقه وجه الأم و هی تنظر لولدها و قد زینت وجهها هذه الابتسامة؟!
إنها لغة لا یعلمها الا قلب هذا الطفل و لا یصدرها الا قلب الأم.
و بخاصة عندما تتعامل أم کخدیجة مع طفلها الجدید الذی انتظرته کثیرا بعد أن فقدت طفلین هما «القاسم و عبدالله علیهماالسلام«، اللذین لم یعیشا طویلا، بل إنهما لم یکملا رضاعهما فقد اختارالله لهما دار الآخرة.
ثم تبقی خدیجة علیهاالسلام تنتظر رحمة الله عزوجل أن یمن علیها بحمل و مولود جدید و یطول بها المقام و یتأخر علیها الحمل، لحکمة أرادها الله عزوجل.
و من هنا فإن حملها بفاطمة و ولادتها قد أعادت علیها تلک الابتسامة التی کانت تطلقها فاطمة علیهاالسلام.
و کانت سنتا الرضاعة أیاما عاشتها فاطمة بالحب والرحمة والرأفة والحنان النبوی اللا متناهی، و مع هذا کله کانت تعیش أجواء السلام والطمأنینة؛ لأن النبی صلی الله علیه و آله و سلم کان محصنا منیعا بعمه أبی طالب الذی دأب یحنو علیه و یذب عنه کید قریش و یدفع عنه طغاتها.
فکانت هذه السنتان من عمرها المبارک ممیزة و ملیئة بالدفء والحنان والرحمة والحب والسکینة.
إلا أن هذه الأجواء لم تکن دائمة فقد تغیر حال البیت النبوی بعد مرور عامین علی ولادة فاطمة علیهاالسلام؛ إذ قد اجتمع المشرکون و عزموا علی فرض الحصار الاقتصادی والاجتماعی علی بنی هاشم رجالا و نساء و أطفالا فقضت أم المؤمنین خدیجة علیهاالسلام مع رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم و ابنتها فاطمة علیهاالسلام هذه السنوات الثلاث حتی توفیت و قد ترکت فاطمة و هی فی الخامسة من عمرها (فإنا لله و إنا إلیه راجعون(.